اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
92511 مشاهدة print word pdf
line-top
صورة اللعان

...............................................................................


ثم قوله: ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وقوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ أي: لا يتيسر لأحدهم أن يأتي بالشهداء؛ لأنه في بيته يخشى إذا ذهب يجمع الشهداء أن هذا الزاني يهرب، والعادة أنه كذلك؛ ففي هذه الحال جعل له حد خاص.
وقوله: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ والشهادة: أن يتلفظ بكلمة أشهد، ولا يقول: أقول أو أعلم، أو إن امرأتي هذه زانية أو قد زنت، بل يقول: أشهد بالله، يأتي بكلمة أشهد بالله، أشهد بالله على هذه المرأة التي هي زوجتي أنها قد زنت، أو أني قد رأيتها تزني؛ يكرر ذلك أربع مرات.
إذا كانت الخامسة يقول: لعنة الله علي إن كنت كاذبا فيما رميتها به، في هذه الحالات يلقنه الحاكم كل مرة فيقول: قل: أشهد بالله على هذه المرأة أنها قد زنت، أو على هذه الزوجة أنها زانية، ثم يقول له في المرة الخامسة: قل: إن لعنة الله علي إن كنت كاذبا، أو إن كنت من الكاذبين.
ذكرنا أنه قبل ذلك يندب أن يعظهما ويذكرهما ويحذرهما ويدعوهما إلى التوبة؛ كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة تذكير صحيح أن عذاب الآخرة على هذا الكذب والظلم، أو على هذا الجمع بينهما إذا كانت المرأة كذبت وفجرت وحلفت على فجور، وكانت مع ذلك قد زنت؛ فإنها تستحق عذابا شديدا؛ عذاب الآخرة أشد.. من عذاب الدنيا. وكذلك أيضا الرجل إذا كان كاذبا عليها؛ قد توعده الله تعالى بعذاب شديد؛ في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ إلى آخر الآيات؛ فعذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا.

يذكر الفقهاء في كتبهم باب اللعان أو كتاب اللعان، ويذكرونه في كتاب الطلاق، ويصفونه بما ورد في هذه الآيات: إذا قذف الرجل امرأته بالزنا قذفا صريحا، ولم يستطع الإثبات بالبينة ولا بالقرائن التي ترجح قوله؛ فلا بد من الملاعنة؛ وهي أن يحضرا عند الحاكم، ثم إن على الحاكم أن يعظهما ويخوفهما، وعليه بعد ذلك أن يبدأ للرجل، وأن يلقنه كل مرة أن يقول: اشهد أو قل: أشهد بالله على هذه المرأة التي هي امرأتي أنها قد زنت، أو أني رأيتها تزني، ثم في المرة الخامسة يقول له: قل: علي لعنة الله إن كنت كاذبا فيما رميتها به.
فإذا تمت شهادات الرجل؛ فإن اعترفت المرأة وأقرت أقيم عليها الحد الذي هو الرجم؛ وذلك لأنها محصنة؛ لأنها زوجة رجل، ثم إذا أنكرت فلا بد عليها أن تشهد أيضا؛ قال الله تعالى : وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَاب أي: يذهب العذاب عنها: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ يعني: يدفع العذاب الذي هو الرجم ونحوه شهادتها على نفسها، فيلقنها الحاكم أن تقول: أشهد بالله على زوجي هذا أنه من الكاذبين فيما رماني به؛ تكرر ذلك أربع شهادات، ثم يلقنها في المرة الخامسة فيقول: قولي: إن غضب الله علي إن كان من الصادقين.

line-bottom