تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
94176 مشاهدة print word pdf
line-top
صورة اللعان

...............................................................................


ثم قوله: ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وقوله: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ أي: لا يتيسر لأحدهم أن يأتي بالشهداء؛ لأنه في بيته يخشى إذا ذهب يجمع الشهداء أن هذا الزاني يهرب، والعادة أنه كذلك؛ ففي هذه الحال جعل له حد خاص.
وقوله: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ والشهادة: أن يتلفظ بكلمة أشهد، ولا يقول: أقول أو أعلم، أو إن امرأتي هذه زانية أو قد زنت، بل يقول: أشهد بالله، يأتي بكلمة أشهد بالله، أشهد بالله على هذه المرأة التي هي زوجتي أنها قد زنت، أو أني قد رأيتها تزني؛ يكرر ذلك أربع مرات.
إذا كانت الخامسة يقول: لعنة الله علي إن كنت كاذبا فيما رميتها به، في هذه الحالات يلقنه الحاكم كل مرة فيقول: قل: أشهد بالله على هذه المرأة أنها قد زنت، أو على هذه الزوجة أنها زانية، ثم يقول له في المرة الخامسة: قل: إن لعنة الله علي إن كنت كاذبا، أو إن كنت من الكاذبين.
ذكرنا أنه قبل ذلك يندب أن يعظهما ويذكرهما ويحذرهما ويدعوهما إلى التوبة؛ كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة تذكير صحيح أن عذاب الآخرة على هذا الكذب والظلم، أو على هذا الجمع بينهما إذا كانت المرأة كذبت وفجرت وحلفت على فجور، وكانت مع ذلك قد زنت؛ فإنها تستحق عذابا شديدا؛ عذاب الآخرة أشد.. من عذاب الدنيا. وكذلك أيضا الرجل إذا كان كاذبا عليها؛ قد توعده الله تعالى بعذاب شديد؛ في قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ إلى آخر الآيات؛ فعذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا.

يذكر الفقهاء في كتبهم باب اللعان أو كتاب اللعان، ويذكرونه في كتاب الطلاق، ويصفونه بما ورد في هذه الآيات: إذا قذف الرجل امرأته بالزنا قذفا صريحا، ولم يستطع الإثبات بالبينة ولا بالقرائن التي ترجح قوله؛ فلا بد من الملاعنة؛ وهي أن يحضرا عند الحاكم، ثم إن على الحاكم أن يعظهما ويخوفهما، وعليه بعد ذلك أن يبدأ للرجل، وأن يلقنه كل مرة أن يقول: اشهد أو قل: أشهد بالله على هذه المرأة التي هي امرأتي أنها قد زنت، أو أني رأيتها تزني، ثم في المرة الخامسة يقول له: قل: علي لعنة الله إن كنت كاذبا فيما رميتها به.
فإذا تمت شهادات الرجل؛ فإن اعترفت المرأة وأقرت أقيم عليها الحد الذي هو الرجم؛ وذلك لأنها محصنة؛ لأنها زوجة رجل، ثم إذا أنكرت فلا بد عليها أن تشهد أيضا؛ قال الله تعالى : وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَاب أي: يذهب العذاب عنها: أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ يعني: يدفع العذاب الذي هو الرجم ونحوه شهادتها على نفسها، فيلقنها الحاكم أن تقول: أشهد بالله على زوجي هذا أنه من الكاذبين فيما رماني به؛ تكرر ذلك أربع شهادات، ثم يلقنها في المرة الخامسة فيقول: قولي: إن غضب الله علي إن كان من الصادقين.

line-bottom